أخبار عاجلة
محمد صلاح

صلاح وهالاند .. من يكسب الرهان ؟!

زياد ياسر

سريعاً تُطوى الصفحات, تذهب الأقلام لاستكشاف كل ما هو جديد, تراقب العيون ثمة بزوغ نجم تتهافت الأصابع للإشارة إليه ومراقبة تحركاته, حينها لا يخطر على البال إمكانية واحتمالية تراجعه .

بالعودة للصفحات التى تُطوى, فهى فقط تُركن, تُقلّب, أو شئ من هذا القبيل, لكنها عندما تحتوى على أرقام لم تُسَجّل من قبل, وحقائق من الصعب تجاوزها, لذا فهى غير قابلة للتمزيق وسيأتى الوقت التى تتحول به إلى وثيقة يعتد بها الجميع ويقدرها مهما ظهر غيرها آلاف الوثائق .

السطور الماضية قد تكون معبرة عن حالة التنافسية التى صنعها النرويجى إيرلينج هالاند مهاجم مانشيستر سيتى هذا الموسم عقب انضمامه هذا الموسم للفريق الإنجليزى قادماً من صفوف بوروسيا دورتموند الألمانى, بالطبع مع انطلاقته الخارقة ظهرت المقارنات التى تفضله عن محمد صلاح نظراً لتفوقه الواضح على أى لاعب حتى الآن بالبطولة الإنجليزية, ففى 8 مباريات خاضها المهاجم النرويجى سجل 14 هدفاً وصنع 3 ليكون قد ساهم فى 17 هدفاً خلال هذه الفترة القصيرة بالإضافة لتسجيل 3 “هاتريك”.

فى المقابل اكتفى صلاح بتسجيل هدفين وصنع 4 ليكون قد ساهم فى ستة أهداف فقط.. لكن هل كل هذا ورغم أنه صارخ وينبئ بسيطرة هالاند على الأرقام القياسية إلا أنه ليس مؤشر نهائى لشئ بعينه ولا يضع صلاح فى مقارنة مع النرويجى كما أنه علامة فارقة بالبريميرليج مهما تفوق عليه أحد رقمياً فى اسابيع أو موسم أو عدة مواسم.

التاريخ يتحدث

لماذا من الصعب أن يتأثر صلاح بنجومية وأرقام غيره من المنافسين ؟.. بالتأكيد وفى جملة اعتراضية يعلمها الجميع, أن تاريخ مارادونا لم يتأثر بشعبية ميسى الجارفة وظلت المقارنات بينهما من قبل الجماهير والنقاد حتى وقتنا هذا, وعندما أصبح البرتغالى كريستيانو رونالدو اللاعب الأشرس رقمياً وفنياً من الناحية لم ينس أحد العلامة البارزة لرونالدو نازاريو مهاجم البرازيل التاريخى وبطل مونديال 2002.. المقارنات كثيرة والأمثلة أكثر وبالتأكيد سينضم لهم محمد صلاح كأحد النجوم الذين ستنهال عليهم سيل المقارنات بغيرهم وسيبقى مكانه محفوظاً فى التاريخ .

وبما أنه الحديث عن التاريخ فوجب التذكير أن صلاح حتى الآن سجل 120 هدفاً منذ انضمامه لليفربول فى موسم 2017/2018 كما أنه صنع 58 ليكون قد ساهم فى 178 هدفاً وهذه الأرقام فى الدورى فقط وليس من ضمنها أهدافه فى دورى الأبطال أو الكأس أو غيرها من البطولات .

الموقف مختلف

ولتكن السطور التالية هدنة من الأرقام القياسية, لننتقل لبعض الاختلافات بين موقف هالاند وصلاح وحوار المقارنة بينهما إلا فى الأرقام التى من الطبيعى أن تضع الجميع فى مجال المقارنات, أما ما دون ذلك فهناك اختلاف كبير .

بالعودة سنوات للوراء سنجد أن انتقال صلاح لليفربول عارضه البعض خوفاً على مسيرة اللاعب التى لمعت من جديد وقتها بدءاً من فيورنتينا وصولا لروما, لذا فكانت هناك مطالبات ونصائح بأن يستمر فى الدورى الإيطالى خاصة وأن تجربته فى تشيلسى لم تكن ناجحة .

لذا فانتقاله لليفربول كان يُمثل تحد له مفاده هل سيصبح لاعباً عالمياً أم مجرد محترف ينتقل من ناد لآخر ويكتفى بالإجادة ؟ فى المقابل لم يكن انتقال هالاند للسيتى بنفس الكيفية, فبالرغم من أن احتراف لاعب من ناد لآخر يكون غير مضمون النجاح إلا أن موقف النرويجى مختلف, فبعد تجربته فى دورتموند كان محط أنظار جميع الأندية الكبيرة كما أنه ليس غريبا عن السيتى فقد كان والده لاعباً فى صفوف نفس النادى .

السن وعوامل أخرى

استكمالاً للمفارقات التى تجعل ظروف هالاند أفضل فى عدة أمور وان المقارنة ظالمة, فإن مركز كل منهما فى الملعب مختلف, هالاند يلعب كمهاجم صريح لذا فالأمر مُيسّر له نسبياً فى آلية العمل داخل المستطيل الأخضر خاصة وأن زملاءه من مهمتهم الأساسية إيصاله للمرمى وعادة ما تكون أغلبية أهدافه داخل الـ”٦ يارده” .

أما صلاح فهو موكل بمهمة صناعة اللعب والتواجد أحياناً فى مناطق دفاعية سواء بالكرات المرتدة على الليفر أو بالضربات الثابتة وغيرها، وبالطبع سجله الرقمى وضعه فى قائمة الهدافين الأفذاذ لذا فهو مطالب دائماً بالتسجيل .

وبالحديث عن مركز كل منهما داخل الملعب، فهناك اختلاف آخر أيضاً سهّل مهمة هالاند عن صلاح، فالأول أتى للسيتى وهو فريق مرعب لجميع المنافسين، ملئ بصناع اللعب، وعادة ما يكون الأكثر صناعة للفرص فى الدورى الإنجليزى، كما حصل على البريميرليج ٤ مرات فى آخر خمس نسخ، كما أن شعبية وتاريخ السيتى أقل نسبياً من ليفربول .

فى المقابل بداية صلاح مع الليفر كانت مع فريق به الكثير من النواقص ومع ذلك كان ومازال النجم الأبرز بالفريق، ومن اول موسم له سجل ٣٢ هدفا، كما أن الفريق كان يعانى من عقدة عدم التتويج بالبريميرليج وبالتحديد منذ عام ١٩٩٠، ليأتى التتويج بعد ثلاثين عاماً فى ثالث مواسم صلاح مع الريدز وبالتحديد فى ٢٠١٩/٢٠٢٠، بعدما حصل على دورى الأبطال فى ٢٠١٩ عقب غيابه أيضاً عن التتويج به منذ عام ٢٠٠٥ ونال صلاح شرف تسجيل هدف البطولة فى النهائى أمام توتنهام .

ومن ضمن العوامل التى تتيح لهالاند فرص أفضل، أن عمره الآن ٢٢ عاماً ويلعب فى هذا المستوى بعدما كان فى مستوى أيضاً مميز فى دورتموند ،أما صلاح الآن فى عامه الثلاثين، وكان قد ظهر بالليفر فى عامه الـ٢٥ .

شعبية بجدارية

وللتأكيد على أن صلاح لم يعد يحتاج لأرقام ليثبت تميزه الكروى، فيكفى النشيد الشهير من جماهير ليفربول التى عادة ما تغنيه خلال المباريات، وهو أمر صعب الحدوث مع لاعب عربى وأفريقى فى فريق جماهيرى بحجم الليفر، ووصل الأمر كما تابع الجميع برسم جدارية مميزة له خطفت أنذار الجميع تدل على شعبيته فى إنجلترا وبمدينة ليفربول تحديداً.

..وشهد شاهدٌ

وفى مفارقة طريفة ونحن بصدد الحديث عن المقارنة بينهما، تحدث هالاند عن صلاح، وأشاد به فى ظل حديثه عن أفضل اللاعبين الأفارقة الذين لعب أمامهم، واختص بالذكر صلاح ومانى، ولكنه وصف “مو” بالمذهل .

لسه بدرى

أخيراً.. وليس آخراً، لم نصل حتى إلى منتصف الموسم الحالى من البريميرليج حتى يتم حسم الأمر لهالاند، وأمام ليفربول فرصة لتحسين مركزه وأدائه فيما هو قادم بعد سلسلة من النتائج السلبية للريدز وغياب مو عن الأداء المعهود.. ومع عودة الليفر ترتفع أرقام صلاح، فبالرغم من أن اللاعب النرويجى هو الأقرب لحصد الجوائز الفردية من صلاح، والتتويج بلقب الهداف، إلا أن الكرة علمتنا الصبر لاعتزازها بإحدى صفاتها الأصلية أنها مستديرة وبها العديد من المتغيرات، فقد تبتسم لمو مجدداً.. علينا الانتظار .

عن العب كوره

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

https://www.high-endrolex.com/37