أخبار عاجلة

ياسر عبد العزيز يكتب ..طوفان الكورونا بين جشع المليونيرات وقلة حيلة الفقراء !!

بقلم : ياسر عبد العزيز

لست صاحب نفوذ ، ولا سلطان ، لا أملك منصبا وثيرا تفتح له الابواب المغلقة ، كل ما أملكه هو قلم فى يدى ، وأفخر وافتخر بمهنة الصحفى بمفهومه القديم ، الذى يكتب من أجل الصالح العام ، ويعيش آلام وآمال الشعب ، ما أحوجنا فى هذه الايام الى كلمة صادقة ، وقلوب صافية تحنو على الغلابة والمساكين وتتبنى متاعبهم وتمسح دموعهم ، بعدما اصبح الجميع بين مطرقة وباء الكورونا ، وسندان الموت !

اعترف بأننى مثل كل شعوب العالم بوجه عام والشعب المصرى بوجه خاص تحزننى الاخبار الصادمة التى تحدثها الكورونا فى كل بقاع الدنيا ، ولكننى ربما أكون مختلفا عن البعض فى نظرتى التحليلية للمشهد الالهى الذى جعل العالم كله يكتفى فقط بالنظر الى قدرة الواحد الاحد على تغيير المقادير مابين طرفة عين وانتباهتها .

ونحن الان نعيش فى هموم الكورونا ، يشدنى أحوال السواد الاعظم من الشعب المصرى من الاسر الفقيرة ، واطالب كل من يقرأ كلماتى أن يعيش أحزان ومآسى ودموع وتأوهات هؤلاء الفقراء المغلوب على أمرهم قبل أن نطالبهم بعدم التواجد فى تجمعات مترو الانفاق والمواصلات العامة ، أريد من كل واحد أن يفكر كما لو كان فقيرا كادحا يعيش يومه بيومه ، لابد أن نطبق الحكمة القائلة إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع .

هذه ليست دعوة منى للتجمعات والازدحامات التى تعتبر ارض خصبة للفيروس اللعين ولكنها عرض واقعى للازمة ، انا شخصيا عشت أياما فى هموم بعض الفقراء ، واستمعت باشكال مختلفة الى غالبية مبرراتهم ، ودخلت مع كل واحد منهم كوخ متاعبه وآلامه ان جاز التعبير ، وهو كوخ يعصف به البرد والصقيع ، ويدخل ريح الشتاء القارص من نوافذه المفتوحة كأنه الاعصار يقتلع كل ما فيه ، أحيانا أجد ما فيه لايزيد على حصيرة ممزقة وكتب مبعثرة وأشلاء ملابس لا تصلح للاستعمال الادمى وأحذية قديمة ، واكذب عليكم اذا قلت اننى امضيت وقتا ممتعا .. بل اعترف انها كانت اوقات تعيسة .. تعيسة جدا جدا !!

انا لست شيطانا وفى الوقت نفسه لست ملاكا ، ولكننى بشر ، واكثر ما يؤلم النفس أن ترى جروحا ولا تستطيع أن تضمدها كلها ، وأن تسمع أنينا ولا تسطتيع أن تخففه إلا بأسبرين مؤقت ، وأن ترى عجائز فى سن الشباب أو على الاصح شبانا حولهم الفقر والحرمان الى عجائز ، وأن تواجه مشاكل تحلها بضعة جنيهات وليس معك كل الجنيهات التى تحول بها اليائسين الى مهللين وهم يواجهون طوفان الكورونا المدمر !

رأيت فى قصص هؤلاء الفقراء صورة البلد الحقيقية ، فقراء وشامخين ، جوعى يحلمون بالقضاء على فقر الكورونا ، مسحقون ولكنهم مؤمنون بالقضاء والقدر ، بعضهم يرتدى بل غالبيتهم يرتدون الملابس الممزقة على اجسادهم العارية ، لأنهم لايجدون ثمن الملابس الداخلية ، واذا وجدوها فضلوا ان يشتروا بها سلاحهم اليومى الذى يحاربون به معركة الكورونا ، تماما مثلما تقتطع مصر من قوتها لتشترى المدفع الذى تدافع به معركة الشعب كله ، احسست أن هؤلاء الابطال المجهولين الذين يحاربون معركة الكورونا ، ويستشهدون فيها ، يستحقون أن نحنى رؤوسنا لهم ، ان نقول لهم اننا نقدر الضنى والتعب والعذاب والحرمان والجوع الذى يعيشون فيه ، واننا نشعر بأسى لاننا لا نقدم لهم بعض ما يستحقون من رعاية وعناية واهتمام .

قابلت شاب يقول ان كل امنيته فى الحياة ان يعبر العالم محنة الكورونا دون ان يرى احد من احبابه أو أقاربه يصاب بهذا الوباء اللعين ، شاب يتقاضى فى الشهر 700 جنيها ويعول اسرة من 7 افراد بينهم امه وشقيقته الطالبة الجامعية و4 اولاد فى التعليم الابتدائى والاعدادى ، يقول اشتريت 5 امتار من القماش الابيض ” الدبلان ” وصنعت منها كمامات لكل اسرته يتم غسلها بشكل دورى بالكورول لتعقيمها ، كما صنع هذا الشاب من الاكياس البلاستيكية القديمة جوانتات ايضا يتم تعقيمها ، وهو اى هذا الشاب يذهب الى عمله ويعود منه يوميا ماشيا على قدميه تجنبا لمخاطر الكورونا !

وقابلت طالبا يعول اسرة ، يعمل فى مخبز ، يسهر طول الليل فى المخبز الى الصباح ، وأنه قرر الا تخرج والدته المسنة للعمل واجبر شقيقاته الثلاثة على الجلوس بالمنزل ، واكد لى انه يأخذ كل تدابيره واحتياطاته هو واسرته للحفاظ على اهله من الكورونا رغم ضيق ذات اليد فهو لا يتقاضى سوى 1500 جنيها تعيش منها اسرته ..وقابلت رجل كبير فى السن يعول 13 فردا هم اجمالى اسرته قرر عدم خروجهم جميعا من المنزل ويعيش اصعب لحظات حياته خاصة وانه لا يستطيع الوفاء بكل متطلبات هذه الاسرة ولكنه مع ذلك يرفض ان يلقى باحد افراد اسرته فى آتون الكورونا ، العجوز قال لى لم انته من محاربة الفقر حتى اواجه هذا الكورونا !!

هذه نماذج مختلفة تجسد عظمة الفقراء وهم يواجهون وباء الكورونا فى مجتمع مازال به رجال اعمال ملأ الجشع قلوبهم ، وجبابرة مازالوا يصرون على مواصلة مص دماء الغلابة حتى فى هذه الظروف القاسية ، وهنا أتساءل أين رجال الاعمال المنتفخة جيوبهم بالمليارات ، لماذا لا نسمع أصواتهم فى معركة الكورونا ، اين اصحاب الشركات الضخمة مثل اتصالات وموبنيل وفودافون ووى ، اين اصحاب المؤسسات الضخمة امثال كوكاكولا وبيبسى وغيرهم من جبابرة المياه الغازية ، اين وحوش الدعاية والاعلانات ورجال البزنيس “السيفن ستارز” ، اين ملوك جهينة وروابى ودومتى وعبور لاند ومن على شاكلتهم ، اين اصحاب الشركات السياحية والفنادق الفارهة والحياة الرغدة ؟!

متى يتكلم وينطق هؤلاء الجبابرة الذين يكتفون باتخاذ حساباتهم الشخصية على مواقع السوشيال ميديا منصات للسخرية والاستهزاء من هؤلاء الغلابة الذين يلقى بهم الفقر فى ملعب الكورونا ، الذين يحاربون الكورونا بالفقر ، ويقتطعون من اجسادهم لحماية اسرهم وذويهم ؟! هل ينتظر الجبابرة الى ان ينتصر الوباء على الفقراء فيتحول هؤلاء الغلابة الى وباء يدمر الجميع بما فيهم هؤلاء الجالسين القرفصاء فى بروجهم المشييدة ؟! هل ينتظرون الى ان يدخل هذا الوباء فى اجساد الفقراء الذين يقاومون الفقر والكورونا فى ان واحد ؟! متى يتحرك القاسية قلوبهم ، و متى يتكلمون ، متى يهبطون من بروجهم المدججة بأفخم الاطعمة واقوى المضادات الحيوية والادوية ليأخذوا بأيادى الفقراء ويعطوهم حقوقهم التى تحصنهم من الكورونا وتجعلهم يجلسون فى منازلهم ويلتزمون بحظر التجوال ويحصنون انفسهم من طوفان الكورونا ؟!

انا لست مع تجمعات الغلابة الذين حولهم الفقر الى كتل من البشر وارض خصبة لوباء الكورونا ، ولست مع صمت رجال الاعمال واصحاب المليارات الذين يتخذون من بروجهم المشيدة قلاع يتحصنون بها فى مواجهة الكورونا ، لابد من سرعة تحرك الاغنياء لتحصين الفقراء ، وان نكون كلنا ” فقراء واغنياء ” يد واحدة فى مواجهة الطوفان المدمر ، هذا هو الطريق الوحيد لنجاة الجميع ، ولذلك اطالب الدولة بسرعة اجبار اباطرة المال على التبرع الفورى والسريع للصناديق الخيرية التى تديرها وتشرف عليها الدولة للخروج السريع من لغز التجمعات والتكتلات البشرية الذين يلقى بهم الفقر فى أرض وملعب الكورونا .. اللهم بلغت اللهم فاشهد !!

عن رضا خليل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

https://www.high-endrolex.com/37